إهمال الزوجة للزينة واللباس وأمور المنزل... وكيفية تصرف الزوج تجاه ذلك؟
الشيخ/ أحمد الفودعي
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,
أنا متزوج منذ ما يزيد عن خمسة أشهر, زوجتي تتضايق من توجيهاتي لها في النظافة والترتيب والطعام داخل المنزل، بل قد حدثت بيننا مشاكل عنيفة كادت آخرها أن تصل إلى الطلاق، ولكن الله ربط على قلبي, بالإضافة إلى تصرفاتها الأخرى، كتعلقها الشديد جدا بأهلها وبعملها -هي تعمل مدرسة- واتصالها اليومي بأهلها, وهي في كل مرة تريد الذهاب إلى أهلها تود أن تبيت عندهم بإلحاح منها ومن أهلها -وبالذات من أمها- فأصبحت لا أجد نفسي داخلها، وكذلك إهمالها للزينة واللباس إلا في الفترة الأخيرة, وهذا بعد طلبي المتكرر لها، وهي عنيدة جدا لدرجة أنها ترد علي في كل كلمة أتكلم معها، وإذا غضبت تبقى صامتة وتتكلم بعد إلحاح شديد مني أيضا -علما أنها أكبر إخوانها سنا- ولم تعودها أمها على العمل المنزلي، فأصبحت أنا الزوج والمربي, وربما تستجيب أحيانا ولكن ببطء شديد، وإذا وجهتها لخطأ ظاهر واضح ترد عليّ بقوة "أعلم هذا" مما جعل الأمور تتراكم عليّ وعلى نفسيتي, والله يعلم أني لم أذق لذة الزواج والاستقرار بعد مما اضطرني لكتابة هذه الاستشارة التي أرجو منكم أن توجهوني فيها؛ لأني أصبحت أقف الآن موقف العاجز الحائر بالرغم من أنني متخصص في الإرشاد النفسي والتربوي, وحاولت أمها في بداية حياتنا التدخل في حياتنا, ولكني أبيت بعنف شديد فتراجعت نوعا ما, وها أنا أصبح بهمّ, وأمسي بغم, أسأل الله أن يفرج عني ما أنا فيه, أنا أثق بفرج الله تعالى.
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبوعبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبًا بك أيها الأخ الحبيب .
لقد أحسنت أيها الحبيب حين صرفت نفسك عن الطلاق، واحذر أن يجرك الغضب في مستقبل زمانك للوقوع فيه فتندم حين لا ينفع الندم، واعلم أنه ليس بالحل للخلافات التي تنشأ بين الزوجين، وليس ثم حياة بين زوجين تخلو من خلاف، فاحذر أن يكون مُتَّكَأَك في حل خلافاتك مع زوجتك هو الطلاقُ، فإن هذا الطريق سيؤدي إلى الندامة.
ولم نر أيها الحبيب فيما كتبت شيئًا كبيرًا في علاقتك بزوجتك يدعو إلى التفكير في مثل هذا القرار، وهو قرار الطلاق فضلاً عما دونه.
نحن نقدر مشاعرك أيها الحبيب, ونعلم مدى حاجتك في إبداء زوجتك لك مشاعر حبها وتعلقها بك، ولكننا لا نوافقك في الوقت ذاته على أنه لا مكان لك في قلب زوجتك وأنها متعلقة بأهلها أكثر من تعلقها بك، فهذا على خلاف فطرة المرأة، ربما ظهر لك هذا وبدا من خلال تصرفاتها، ولكن الأمر ليس على ذلك، ومن الطرائف في هذا الباب ما ذكر في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما رجع من غزوة أحد لقيته في الطريق حمنة بنت جحش رضي الله تعالى عنها فنعى لها أخاها، يعني أخبرها بأن عبد الله بن جحش قد استشهد، فاسترجعت واستغفرت له، ثم نُعي لها خالها حمزة فاسترجعت واستغفرت، ثم نُعي لها زوجها مصعب بن عمير - رضي الله عنهم جميعًا - فصاحت وولولت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن زوج المرأة منها لبمكان) فهذه طبيعة المرأة أيها الحبيب، ليس ثم شخص من الأقارب أو الأباعد يساوي زوجها في قلبها، ولكن ربما لحداثة الزواج لظروف خاصة بزوجتك, فكونها كبيرة الأسرة بين إخوانها، وشديدة التعلق بأسرتها هذا لا يعني أبدًا أنها تتعلق بهم أكثر من تعلقها بك، فأزح هذا عن نفسك, وحاول أن توقظ في قلب زوجتك ما كمن واختفى، وبادرها أنت بعبارات الحب والتعلق، فستجدها بعد ذلك تبادلك أضعاف ما يبدر منك أنت.
هناك بعض الأمور قد نجحت في تحقيقها أيها الحبيب في تغيير بعض أخلاق زوجتك أو صفاتها، كميلها للزينة، فقد ذكرت أنت أنها في الأيام الأخيرة قد تغيرت واستجابت، وهذا يدلك على أن هناك بعض السلوكيات التي تحتاج منك إلى صبر في معالجة زوجتك، ربما لا تدرك أهميتها هي أو تلقي لها بالاً ولا تعرف أهميتها بالنسبة لك.
ومن خير ما يعين على هذا أن تحاول تعليم زوجتك جوانب تهمها في شأن علاقتها بزوجها، ما يحبه الزوج, وما ينبغي أن تفعله الزوجة مع زوجها، كما ينبغي لك أيضًا أن تكون حسن الأسلوب والتعاطي مع ما تحتاجه الزوجة، فاحذر كثرة العتاب لها، وإذا رأيت شيئًا تحب تغييره ينبغي أن يكون بأسلوب مقبول حسن، كأن تقول لها: (ما رأيك لو كان هذا على الهيئة الفلانية أو الصفة الفلانية)، ونحو ذلك من الأساليب التي ليس فيها مباشرة لها بإشعارها بالنقص أو العيب أو نحو ذلك، حتى لا تشعر بأنك تُنقص من قدرها أو تعدد لها معايبها ونحو ذلك المشاعر التي قد تفهمها من خلال أسلوبك في التعامل معها.
ونحن ننصحك بأن تقرأ أنت أولاً ثم تحاول أن تُهدي زوجتك بعض الهدايا الخفيفة واللطيفة، ومنها أن تهديها أيضًا سماع بعض المواد المسجلة في كيفية التعامل بين الزوجين، فإن هذا النوع مفيد ومهم جدًّا، ونحن على ثقة بأنه كلما مرت الأيام ازدادت زوجتك تبصرًا ومعرفة في كيفية التعامل معك.
نسأل الله أن يؤلف بين قلوبكم, وأن يصلح ذات بينكم.