الطاعة عمل شاق

موضوع: الطاعة عمل شاق السبت يوليو 16, 2011 6:50 pm

الطاعة عمل شاق

الطوع نقيض الكَره، وفي الحديث "هوى متّبع وشحّ مطاع" أي أن يطيعه صاحبه في منع الحقوق التي أوجبها الله عليه في ماله؛ وفي الحديث أيضا "لا طاعة في معصية الله" يريد طاعة ولاة الأمر إذا أمروا بما فيه معصية؛ لأن الطاعة لا تسلم لصاحبها ولا تخلص إذا كانت مشوبة بالمعصية، وإنما تصح وتخلص مع اجتناب المعاصي.

هاته الطاعة كانت محور جدل بيني وبين نخبة من مختلف الاختصاصات العلمية، فهذا يستشهد بمثل عربي "من أطاع هواه، باع دينه بدنياه"، وذاك يستشهد بالفيلسوف المصري القديم فتاح حتب "إن أردت أن تطاع فسل ما يستطاع" وذلك بحكمة يونانية "ينبغي للمرء أن يتعلم كيف يطيع لكي يحسن القيادة"، والآخر بمقولة "ج.هربرت" "من يطع الحكيم كأنه يمارس القيادة" وغيره بقول "بيير كورناي" "الطاعة مهنة شاقة".

ولمّا حان وقت تدخلي أطلقت العنان للساني أن ينطق بالآيات التي عرّفت لمن تكون الطاعة ولمن لا تكون، فقد حدّد الله تعالى ذلك في قوله "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا" "النساء 59".

وحدّد سبحانه عدم الطاعة لهؤلاء الذين ذكرهم في كتابه العزيز "ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا" "الكهف 8" "ولا تطع الكافرين والمنافقين" "الأحزاب 1" "فلا تطع المكذبين، ودّوا لو تدهن فيدهنون، ولا تطع كل حلاف مهين، هماز مشاء بنميم، مناع للخير معتد أثيم" "القلم 8- 12" "فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا" "الإنسان 24" "ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إليّ مرجعكم" "العنكبوت 8" "ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون" "الشعراء 151- 152".

كل هذه المحظورات يجب التبرؤ منها حتى لا يضطر المنحرفون أن يذكروا ما ذكرهم به القرآن الكريم "يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا، وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا" "الأحزاب 66- 67". ثم ختمت مثبتا أن في طاعة الله والرسول يتحقق الفوز العظيم "ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقيه فأولئك هم الفائزون" "النور 52" "ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما" "الأحزاب 71".

فأضاف أحد العلماء: لقد جمع القرآن كل الحالات بدقة ووضوح، ومما قاله أيضا "طاعة وقول معروف" "محمد 21". فقلت له: نِعْم القول المعروف والمعرفة "قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى" "البقرة 263". ولهذا أمرنا الله تعالى أن نتحلى بطيب القول "وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد" "الحج 24" ونهانا عن قول الزور "واجتنبوا قول الزور" "الحج 30" وأمرنا بأن نكون من "الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه" "الزمر 18" وأن نتعامل مع الوالدين تعاملا حسنا "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" "الإسراء 23- 24".

ومما أجمع عليه كل العلماء أن المثل العربي "من أطاع غضبه أضاع أدبه" هو السائر على أرض الواقع، واستحسنوا وصية محمد الباقر لابنه جعفر الصادق "يا بني: إن الله خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة: خبأ رضاه في طاعته، فلا تحقرن شيئا من الطاعة فلعل رضاه فيه، وخبأ سخطه في معصيته فلا تحقرن شيئا من المعاصي فلعل سخطه فيه، وخبأ أولياءه في خلقه فلا تحقرن أحدا من خلقه فلعله في ذلك".

وقد أوضح حاتم الأصم أصل الطاعة وأصل المعصية في قوله "أصل الطاعة ثلاثة أشياء: الخوف والرجاء، والحب" "وأصل المعصية ثلاثة أشياء: الكبر، والحرص، والحسد" وأضاف "إذا أردت أن تعصي مولاك، فاعصه في مكان لا يراك فيه". وقال الإمام مالك "أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل". قال أحد الحكماء "أصول الخطايا كلها ثلاثة: الكبر، وهو ما أوصل إبليس إلى ماهو عليه من كفر، والحرص: وهو ما أخرج آدم من الجنة، والحسد: وهو ما جرّأ قابيل على قتل أخيه هابيل. فمن وقي شر هذه الثلاثة فقد وقي الشر، فالكفر من الكبر والمعاصي من الحرص، والبغي والظلم من الحسد".

فالبطاعة الخالصة يقي الإنسان نفسه من اتباع هواه، وسماع كلام المكذبين وحلف النمامين والمناعين للخير والمعتدين الأثيمين وكيد الكافرين المنافقين، وأمر المسرفين المفسدين في الأرض الذين لا يخشون الله ويتقوه، وبالطاعة الخالصة لله ولرسوله ولأولي الأمر الصالحين المتقين لا يقول المتقون إلا أحسن القول، ويقولون قولا كريما لوالديهم ويخفضون لهما جناح الذل من الرحمة، ويحاسبون أنفسهم على أبسط أخطائهم. فقولهم يكون دوما معروفا ويتحلى بالمغفرة وطيبا متبوعا بالبسمة تبعا لقول الرسول عليه الصلاة والسلام "تبسمك في وجه أخيه لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر لك صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة".

يجرني هذا إلى استحسان مقولة الإمام سحنون "ترك الحرام أفضل من جميع عبادة الله، وترك الحلال لله أفضل من أخذه وإنفاقه في طاعة الله". لقد قيل "كرام الناس أسرعهم مودّة وأبطؤهم عداوة" والحكمة البليغة "المرء حيث يضع نفسه".

جـزاكم الله خـيراا
ونور الله دربكم... لنشر كل مفيـد في هذا القسـم
لاتحرمونا جديدكم
الطاعة عمل شاق 14855_21263401767

هشام القن

اسعد الله قلبكم وامتعه بالخير دوماً
أسعدني كثيرا مروركم وتعطيركم هذه الصفحه
وردكم المفعم بالحب والعطاء

» كيف نثبت على الطاعة :من محاضرة للشيخ محمد حسان