الطلاق في الإسلام رحمة إلهية و نظرة واقعية

الطلاق في الإسلام رحمة إلهية و نظرة واقعية

الشيخ نذير مكتبي



في الحملة الفكرية التي يشنها الغرب ضد مبادئ الإسلام وأحكامه ، تبرز قضية الطلاق في مقدمة الوسائل التي يحاول الغرب استعمالها لإثارة الشبهات ، والتشكيك بعدالة أحكام الإسلام وصلاحيتها لقيادة الحياة ، فيقولون إن مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة يقتضي أن يكون الطلاق حقاً بيد المرأة كما هو حق بيد الرجل .

ونحن إذا وضعنا هذه القضية على بساط البحث والنقاش نرى أن هناك احتمالات عقلية أربعة يخضع لها موضوع الطلاق ، فهو إما أن يكون بيد المرأة وحدها ، أو يكون باتفاق المرأة والرجل ، أو أن يتم عن طريق المحكمة كما في قوانين الغرب ، أو أن يكون بيد الرجل وحده .

فإذا كان الطلاق بيد المرأة وحدها فسيقع الظلم والحيف على الطرف الآخر وهو الرجل الذي يُكلَّف بكل تكاليف الزواج من مهر ونفقة وتأثيث بيت ، وستخرج المرأة بعد طلاقها بالمهر كاملاً وقد يكون كبيراً ، وربما استعملت ذلك في عدة حالات زواج تالية فيكون الزواج بالنسبة لها سبيل ارتزاق وكسب تجمع من ورائه ثروة طائلة ، ويكون الزوج في كل الحالات هو الخاسر الأكبر .

وإذا كان الطلاق لا يتم إلا باتفاق الطرفين فسيجعل الحياة الزوجية لأحدهما جحيماً لا يُطاق ، وسيكون الطلاق قيداً يصعب الفكاك منه، لأنه لو أراد أحدهما الانفصال فاحتمال كبير أن لا يرضى الطرف الآخر ويستعمل ذلك سلاحاً للتنغيص والعذاب .

أما إذا تُرك الطلاق ليتم عن طريق المحكمة فإن ذلك سيكون سبباً لفتح باب الفضائح ، ونشر أسرار العائلات والتي لا يمكن أن تُعرف فيما لو تمَّ الطلاق في البيوت وفي نطاق الأسرة الضيق ، علماً أن الطلاق في الغرب لا يتم في المحكمة إلا بسبب زنا أحد الزوجين .

يبقى الاحتمال الرابع وهو أن يكون الطلاق بيد الرجل وحده وهو الحل الذي ينسجم مع الفطرة الإنسانية ومع قيم العدل ، ذلك أن الرجل بما يتصف به من حزم وتغليب للعقل لا يُقدم غالباً على الطلاق إلا بعد معاناة شديدة ، وبعد تفكير عميق ، بينما المرأة بما فُطرت عليه من عاطفة جياشة وانفعال سريع يجعلها تُقدم على الطلاق دون روية وتفكير بالعواقب مما يجعلها بعد ذلك تشعر بالندم والأسف الشديد ، ولا يردُ هذا الاحتمال ما يقوم به بعض الأزواج من استعمال هذا الحق بتهور وتعسف فهذه حالات شاذة بالنسبة للحالات العامة الغالبة .

ومع أن الإسلام جعل الطلاق بيد الرجل وحده ، لكنه فتح سبلاً عديدة أمام المرأة المظلومة أو التي لا تطيق العيش مع زوجها لتتحرر من ميثاق الزواج ، ولتبدأ حياة أخرى مع زوج آخر ، ومن هذه السبل حكم (الخُلع ) الذي أباحه الإسلام وجعله وسيلة للتفريج عن الزوجة التي تريد الخلاص من حياة الشقاء مع زوجها ، بأن تتنازل له عن شيءٍ من حقوقها المادية مقابل الطلاق ، وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع امرأة الصحابي ثابت بن شماس حين جاءته تشتكي له تعاستها مع زوجها الذي لا تحبه وأنها تعيش معه مكرهة ، فأمرها أن ترد عليه بستانه الذي كان مهراً لها ، وأمره أن يُطلقها تطليقة واحدة .

لقد حرص الإسلام على أن تحيا الأسر المسلمة حياة الطمأنينة والحب والهناء ، وأخذ في اعتباره أنه لن تكون هناك أسرة بمعزل عن المشاكل والمنغصات ، فوضع في سبيل حلّهاِ مجموعة من الحلول يأتي الطلاق في آخرها كما يقول المثل العربي (آخر الدواء الكي ).

فلذلك نظر الإسلام إلى الطلاق على أنه علاجٌ نهائي وحلٌّ أخير للمشاكل المستعصية بين الزوجين ، ولم يشرعه الله تبارك وتعالى ليكون وسيلة إذلال للمرأة ، ولا سيفاً مسلطاً على عنقها يهددها به زوجها كلما أراد بحقٍّ أو بغير حق ، بل هو فكٌّ لعقدة النكاح كما فسَّره الفقهاء ليستأنف كلٌّ من الزوجين حياته كما يختار ويحب.

ومع أن الإسلام أحلَّ الطلاق إلا أنه أبغضُ الحلال إلى الله كما جاء ذلك في الحديث النبوي الشريف ، ولأنه كذلك وضع له الإسلام ضوابط وشروطاً ، وجعله على ثلاث مراحل طلقة أولى ثم ثانية ثم الثالثة التي تبين بها الزوجة بينونة كبرى فلا تحلُّ له بعدها حتى تنكح زوجاً غيره ، كما قدَّم الإسلام قبل الطلاق وسائل لحلِّ الخلافات جمعها الله عز وجل في آية كريمة واحدة من سورة النساء يقول فيها : ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً ) النساء الآية 34 ، فأول الوسائل في إصلاح ذات البين هو النصح الحكيم والموعظة الحسنة ، ثم الهجران في مكان النوم أو في السرير ، ثم الضرب الخفيف الذي لا يكسر عظماً ولا ينهر دماً ، فإذا لم تفلح كل هذه الوسائل يكون الطلاق تطليقة واحدة بحيث يستطيع الزوج إرجاع زوجته إلى عصمته أثناء العدة أو بعدها ولكن بعقد ومهر جديد .

فإذا تجددت الخلافات بين الزوجين استعمل الزوج الطرائق ذاتها التي استعملها في المرة الأولى ثم يطلق الطلقة الثانية ، ولا يتبقى له إلا طلقة واحدة تنفك بعدها عرى الزواج نهائياً ، وفي جَعلِ الطلاق على هذه المراحل الثلاث حكمةٌ ربانيةٌ بليغةٌ وهي أن يعطي الزوجَ فرصة تهدأ بها أعصابه ، ويتفكر في شأن أسرته بكل روية واتزان فلا يُقدم على الطلاق النهائي إلا في الحالات الشديدة التي لا ينفع معها أي حل .

و لقد أظهر الإسلام كراهيته الشديدة للطلاق لما فيه من هدم لكيان الأسر ، وتشريد وضياع للأولاد ، ولقد حذَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا الزوجين أن يُقدما عليه فقال صلى الله عليه وسلم : ( تزوجوا ولا تطلقوا فإن الله لا يحب الذواقين والذواقات ) كنز العمال ج9ص661 ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرامٌ عليها رائحة الجنة ) المستدرك على الصحيحين ج2ص218 ، ووجَّه ديننا الحنيف أن يتعامل الزوجان بخلق الوفاء بينهما فقال ربنا تبارك وتعالى : ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) البقرة الآية237 .

و لكن السلوك المنحرف عن هدي الإسلام في موضوع الطلاق الذي يسلكه كثير من الأزواج المسلمين هو الذي يساعد أعداء الإسلام ليروجوا شبهاتهم وافتراءاتهم وليطعنوا في أحكامه وتعاليمه ، مع أن أعداء الإسلام أنفسهم ونتيجة الحياة المادية التي يعيشونها ترتفع عندهم معدلات الطلاق بشكل كبير حتى بلغت نسبته في أمريكا ستين بالمائة من حالات الزواج .

هذه الأفكار و غيرها حول هذا الموضوع تستمعون إليها في هذه الخطبة للشيخ نذير مكتبي بعنوان

الرد على خصوم الإسلام في محور الطلاق

اضغط علي الرابط التالي

http://www.sadazaid.com/play.php?catsmktba=3263

يعطيكي الف عافية

ماجدة محمد


ربى لا يحرمنى من هـــــ الطلة الحلوة لــــ سموك ...
شكــــــــ و جزاكِ الله كل خير ـــــــــــــراً
حدااااااااائق من الجـــــــــــورى لــــ روعة حضورك
مداااااااااائن من الشكر لـــ سمو حرفك
دمتِ فى حفظ الرحمن