معاناة "زوجة عذراء"

أنا فتاة في الواحدة والعشرين من عمري، وزوجي يبلغ التاسعة والعشرين، متزوجة من شهرين ونصف فقط، ولكن هذين الشهرين كفيلان أن يشعراني بهموم الزواج.
عندما تقدم زوجي لخطبتي وافق عليه والداي بدون تردد؛ بسبب أهله وحبهم الشديد لهم، وأنا بدوري اعترضت؛ لأني لا أعرفه ولا أعرف أي شيء عنه، ولكني قبلت فيما بعد؛ لأنهم قالوا إنه شاب جيد عدا أنه لا يجلس مع أهله كثيرا، فقلت هذا مقدور عليه.

بعد عقد القران، وتعرفي عليه أحببته بسرعة لأسلوبه الجميل، وتعبيره عن حبه واهتمامه بطرق عديدة.
استمر الوضع عسلا لمدة أربعة أشهر، ثم أصبح اهتمامه يقل تدريجيا؛ بحجة انشغاله الدائم بعمله، ولكنه تغير كثيرا عما كان عليه؛ فلم يعد يهتم بي، ولا يحدثني غير خمس دقائق في اليوم.

كنت أناقشه عن هذا الوضع فيقول إن عمله هو السبب، وإنه بعد الزواج سيحضر للمنزل مبكرا حتى يبقى معي، وعلى فكرة حتى عند زياراته -التي قلت أيضا تدريجيا- لم أكن أستفيد منها كثيرا، فقد كنا نضيع الوقت في القيل والقال؛.

أي أني لم أتقرب منه كثيرا وأعرف أن هذا خطئي الذي أنا نادمة عليه بشدة، ولكني كنت مقتنعة به تماما، ولم تظهر عليه علامات تمنعني من الزواج به، غير أنه كان لا ينفق علي أحيانا، وكنت أعذره بسبب مصاريف الزواج، المهم استمر الحال هكذا حتى انتهى العقد ومدته سنة ونصف السنة.
بعد الزواج بدأت أُصدم بإنسان آخر غير الذي عرفته وأحببته، عرفت من أهله أنه كان طفلا مدللا من ناحية أمه، ولكن أباه كان بعيدا عنه؛ للعمل، وكان يحضر له الهدايا الكثيرة في كل مرة يعود إليه فيها، ولكن لم يستمر الوضع كثيرا، فقد التم شملهم عندما أصبح في الثالثة من العمر.

وكان طفلا "شقيا جدا" بشهادة جميع أفراد العائلة بعكسي المؤدبة جدا، وكان معتادا من صغره أن تُنفذ جميع طلباته بلا مناقشة، وهذا ما يريدني أن أفعله الآن، إني أتعجب كيف لوالديه ألا يستطيعا الاعتراض على كلام ولدهما؟ فأمه تخشى أن تحدثه عن أمر مهم حتى لا يوبخها، وعندما واجهه والده ووبخه ترك المنزل، ثم تصالحا بعد ذلك بفترة طويلة.
وعندما كبر أصبح منعزلا عن أفراد أسرته، ويقضي معظم وقته خارج المنزل، ولهذا عندما سألتهم عنه قبل أن نتزوج قالوا لا نعرف شيئا؛ لأنه لا يحدثنا أو يجلس معنا، فهو مختلف عن جميع إخوته المرحين، فهم يجلسون معنا ويضحكون، وعندما يأتي يطلب الهدوء فيسكت الجميع.
مع أننا لم نسافر لشهر العسل لظروفه، ولكني لم أتوقع كل هذا الصدود، فمشكلتي الكبرى معه هي أنانيته، وعدم إحساسه بالمسئولية، فقد كان يقضي كل يومه في اللعب ومشاهدة التلفاز، والخروج مع أصدقائه، ويأتي آخر الليل لأجلس معه ربع ساعة، وإن طالت المدة فنصف ساعة.
تصوروا أن هذا الوضع بدأ من ثاني يوم لزواجي، وفي هذا الوقت حتى الحوار معه صعب جدا، فلا أعرف عما أتحدث، وكيف أبدأ؟ لأني أشعر بأنه سيسخر مني كعادته، فهو لا يجلس ويحدثني بكامل تركيزه، فإما أن يجلس على الكمبيوتر أو التلفاز، ولكني صدقا لا أعرف عما أتحدث معه، مع أني أتحدث مع كل الناس بكل سهولة، ولكن معه فإني أفكر ولا أعرف ما أقول حتى لا يقول سخيفة أو مجنونة كعادته.
حتى الخروج والفسحة فلم أحصل عليهما، ففي البداية ذهبت معه إلى ثلاثة أماكن، ثم توقف عن ذلك، وعندما أقترح عليه الخروج فإنه يذكرني بأخطائي التي لم أقصدها أو لم أعرف أنه يغضب بسببها، إنه يعتبرني طفلة، ودائما يقول ذلك، ويطلب مني أن أجلس مع أهله إن شكوت له صده الشديد لي أو شعوري بالملل، إنه لا يستوعب كيف لرجل وزوجته أن يجلسا معا ويتحدثان.
لقد أخبرته ذات مرة أني لن أعارض خروجه مع أصحابه ولعبه معهم، فأنا أريده أن يكون اجتماعيا، ولكن فليجلس معي، ولم يعرني أي انتباه، أشعر أنه مجبر على الزواج، واستحلفت أمه فقالت إنه هو الذي بادر بطلب الزواج، ولا أدري لماذا؟ فحياته لم تتغير بعد الزواج، فهو يخرج ويدخل وكأنني غير موجودة، أناني لا يفكر إلا بنفسه، لا يبخل على نفسه بأي شيء.
لقد أجلت مسألة الإنجاب إلى أجل بعيد مع أن الجميع يلح علي بأن أنجب بحجة أنه سيتغير بعد شعوره بالأبوة، ولكني لا أظن ذلك، هو لا يتحمل مسئوليتي وحدي فكيف بطفلي، حتى عندما أحتاج لشيء فإني أذهب مع أفراد أسرته فهو لا يتفرغ لي، وأحيانا يتحجج ببعد المسافة بين منزلنا والسوق.
بدأت المشاكل تزيد عندما وبخني بشدة؛ بسبب ثوب اشتريته بسعر أعلى من الذي أعطاني إياه، ودائما يذكرني بأني عنيدة، ولم أطعه في هذا الأمر، ولماذا أكون أقل منه؟ أليس الزواج شراكة بين شخصين؟ مع الوقت الذي يشكو فيه قلة ماله أجده يأخذ ثيابا بثلاثة أضعاف سعر ثوبي الذي كرهه.
ولكي أكون عادلة فهو يشكو دائما من عدم طاعتي له، في البداية كنت أفعل ذلك؛ لأني لم أرد أن يتأمر علي، وأنا أطيعه بلا مناقشة، كما يفعل مع أهله، ولكني بعد وقت قليل غيرت وضعي وأصبحت أود طاعته، ولكن المشكلة أنه أحيانا لا يخبرني بما لا يريدني أن أفعله، وبعد ذلك يغضب، ويقول افهمي بنفسك.. لا يجب أن أخبرك بكل شيء.
لقد وصل الأمر إلى حد ضربي عندما كنت أمزح معه، وقال أكره المزح الثقيل، فقلت له بسبب المزح تضربني، فإذا كان الموضوع جادا فماذا ستفعل؟! فاعتذر لي فسامحته، ولكني صدمت أكبر صدمة من عمله هذا، فلم أتوقع أبدا أن يمد يده علي، ولم أخبر أحدا بالموضوع، وإذا كررها فسيكون موقفي مختلفا.
عندما قررت الزواج أردت أن أشاركه كل شيء، وأن أجد قلبا حنونا يشعرني بمحبته، فهو لا يعبر عن حبه لي، ويعتبره ضعفا فيه إذا قالها، وهذا فهمته بنفسي بدون قوله، أنا لا أريد رومانسية ولا شموعا ولا هدايا، فقط أريد أن يشعرني بأنه يحبني، أريد أن أجلس معه وأحدثه من دون خوف أن يسخر مني، أريد مودة ورحمة، ستقولون أخبريه بما تريدين فسأقول لكم متى؟؟؟.
إني الآن بعد مرور شهرين أصبحت أحادثه خمس دقائق أول أقل في اليوم، وأنا معه في نفس البيت، وهذا الحديث يكون للضرورة، وإن طلبت منه أن يحدثني أو أسأله إن كنت ضايقته بشيء فإنه يغضب ويقول لا تسأليني أسئلة سخيفة، وإذا قلت له أريد أن أحادثك فإنه يتهرب ويتحجج بالتعب والنعاس.
أريد أن أكون على طبيعتي معه، فأضحك معه وأخبره عن نفسي وأفهمه ويفهمني، ولكني أصبحت أبكي يوميا، لقد فكرت جديا في طلب الطلاق منه، ولكني أتراجع بسبب حبي الشديد له، لست ضعيفة حتى أستعجل وأستسلم بهذه السرعة، ولكني أريد الحل، هل هناك أمل في أن يتغير زوجي ويخفف من أنانيته؟؟

لا أريد الفرار من مشكلتي فأنا أقوى من الهروب، وأحبه بشدة، والله لم يخلق مشكلة إلا ولها حل وهذا ما أتمناه، إن حبي لزوجي أقوى من أي شيء، ولا أتخيل حياتي أبدا بدونه فالموت أهون علي من ذلك؛ لذلك أتوسل إليكم بإيجاد حل لي، وعدم حثي على طلب الطلاق منه.

وأظن أن الله لا يوفقنا؛ لأنه لا يواظب على أداء كل الصلوات، فأنا أصبحت أوقظه بصعوبة شديدة لصلاة الفجر، ولا أظنه كان يؤديها قبل زواجنا، لقد رددتم على مشكلة أخت مشابهة بعنوان (بعد شهرين من الزواج اكتشفت أنانيته) تشكو من أنانية زوجها بأن تعمل خطة تدريجية لتغييره، ولكن ما الخطة.
نسيت أن أخبركم بجزء مهم في الموضوع، وهو أنني ما زلت عذراء، وهذا أيضا بسبب أنانيته وليس عجزا منه -وهذا أنا متأكدة منه (عدم العجز)- فقد دخل في تدريبات رياضية تمنع عنه هذا الشيء، ولماذا فعل هذا بعد زواجنا مع أنه كان أيام الخطبة (بعد العقد) متلهفا جدا جدا للمعاشرة، ويحدثني عنها بالتفصيل؟؟؟ لا أدري.
إن كان هناك كتاب أو أي شيء يعاونني على حل مشكلتي فأخبروني به، وإن رأيتم في جهلا بالحياة الزوجية فأرجوكم أرشدوني إلى الطريق الصحيح.
أرجو منكم الرد علي بسرعة؛ لأن الدموع لا تفارق خدي أبدا.
وجزاكم الله ألف خير.

قرأت رسالتك بتركيز شديد، وكلما قرأت سطرا منها زادت الاحتمالات في اتجاه واحد وهو: أن زوجك شخص (نرجسي)، وهو أحد الأنماط المزعجة جدا للشخصية، حيث تصعب -وربما تستحيل- الحياة الزوجية معه.
وبالتالي بدأت أفكر وأستعد لإجابة سؤالك في هذا الاتجاه..

ولكنك فجرت قنبلة مدوية في السطور الأخيرة من رسالتك جعلت الاحتمالات متعددة، وأصبح التفكير في الإجابة لا يسير في اتجاه واحد!! هذه القنبلة هي أنك ما زلت عذراء!!
تقولين إن أنانيته هي السبب، وهذه جملة غير مفهومة، وتؤكدين أن زوجك لا يعاني من العجز؛ لأنه تدرب تدريبات رياضية تمنع حدوث هذا، وأنا لم أسمع قط عن تدريبات رياضية بهذا النوع!!.
فأصبح أمامنا سؤال آخر أكبر وهو: لماذا لم تتم العلاقة الزوجية بينكما بنجاح؟ وهل هناك مشكلة خفية يعاني منها هذا الزوج أكبر من مجرد النرجسية، أو الأنانية؟ وما هي هذه المشكلة؟ وهل تستطيعين أنت معرفتها؟ ثم مساعدته في تجاوزها؟ أم أن الأمر أكبر منك وأن زوجك -على الأرجح- يحتاج لمساعدة اختصاصي أو طبيب نفسي؟
تساؤلات كثيرة وغموض كبير يستحق الوقوف عنده، أما الأنانية، فهي كما ذكرت لك من أصعب الطباع الشخصية؛ لأن هذا الشخص يرى نفسه محور الكون، وأن الجميع يجب أن يكونوا مسخرين لإسعاده وخدمته، والتفاني من أجله.
وكل ما أستطيع أن أنصحك به للتعامل مع هذا الزوج النرجسي هو:
1 ـ لا تبالغي في التنازل من أجله؛ لأن هذا أيضا لن يرضيه فتكوني عندئذ فقدته، وفقدتِ نفسك أيضا.
2 ـ حاولي الاستعانة بشخص ذي تأثير عليه، لعله يساعده في الانتصار على نفسه.
3 ـ لا تتسرعي في الإنجاب حتى تتأكدي من أن هناك مسارات تدفعه نحو التحسن وتحمل المسئولية.
4 ـ يمكن الاستعانة بطبيب أو معالج نفسي.
5 ـ حاولي الحفاظ على خط التواصل بينكما، مهما حدث، وحاولي أن تكوني لطيفة معه، وابتعدي عن الغضب، والعناد، والنكد، لعل هذا الإحسان، وإحساسه بحبك له يمنحاه الاطمئنان إليك، فيتأثر بكلامك ويستجيب لشكواك أو اقتراحاتك.
ولكن أذكرك مرة أخرى.. أنا أتصور أن هناك مشكلة أخرى أكبر من مجرَّد النرجسية تحتاج تدخلا ودعما.

» زوجة من نوع خاص
» كيف تعامل زوجة لا تحبها " للرجال فقط "
» مطلقة أم زوجة ثانية في السر .. أطلب النصيحة ؟