[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]في قديم الزمان كان لي وطن..أحببته وأحبني..عشت به عمر السنين
وترعرعت به مع أهلي وإخواني..كان بيتي كان
عشقي ..فتمردت أنا على هذا الوطن..بدأت أفكر بنفسي وطموحاتي
بدأت أتذمر على حالي..كيف لا أصل إلى ما أريده فيك يا وطني
وأنا ابنة أرضك ومستقبل حاضرك..
إعذرني يا وطني ..فأنا مغادرة للبحث عن وطنٍ ثاني..أجد به ما أتمناه..
أحقق به أحلامي..وأصل به إلى طموحاتي..غادرتك يا وطني لانك لا تشعر بأمنياتي
ولا يمكنني بك تحقيق ذاتي..هذا ما كان
يجول بخاطري نحو هذا الوطن..الذي كان بحاجة إلى لمساتي وبصماتي
ونجاحاتي..ولكنني لم أفلح بتحقيقها لأنني ..لم أكن أشعر بحاجته إلي
فتركته متذمرةً منه وناقِمه..وقضيت نصف عمري في حلي وترحالي
ومرت السنون وأنا تتلاطمني أمواج غربتي..
وهواني وضعف حيلتي يمزقاني..فلم أجد ما أريد وما هجرت وطني لأجله..
لم أجد مضجعا لأحلامي يتوسدها..ولم أجد من يساعدني بتحقيق آمالي
ولم .. ولم .. ولم ..
فتبخرت أمنياتي وضاعت مني الطموحات..وبقيت أتحسر بين فينةٍ
وأُخرى على ما فرطت به وطني .. وطني الذي كان يريد مني النظر
إليه بعين المتفائل ..فعاتبته بنظراتٍ تزدريه وتنقص قيمته في عيني
وطني الذي كان ينتظر مني صبراً وهِمةً ليرتقي بأفكاري وإنجازاتي
تركته باحثة عن غيره..ففكرت به وبجحودي ونكراني
فعدت إليه خائبة الأمل..خجلةً من خذلانه ولكني وجدته يستقبلني
كأمٍ تنتظر بلهفة واشتياق..لعناق فلذة كبدها
يعود من رحلة غوص في عمق البحار..تتمنى لو لم يصب بالبلل
من أمواج ٍتحيط به من كل الجهات ولا خدش أصابه من صنارةِ صياد
وها أنا أعود إليك يا وطني محملةٌ مثٌقلةٌ بهموم الكونِ لتزيحَ أنت عن
كاهلي آلام غربتي وخيبات آمالي..فما جرى لي هو أني لم أستطع أن
أحبك كما يجب أن أُحِبك
أم أنني لم أكن أعرف قيمتك في نظري..وتعلمت من قسوة
الغربة أن الوطن هو الوطن..هو الأم التي تحتويني بحنانها..هو الأب الذي يغمرني
بحمايته وعطفه..وهو كل ما أملك وكل ثروات..وأن الوطن هو كرامتي وعزةُ ذاتي..
وأنني بلا وطني يتيمة بلا أهل..فمن ليس له دار.. غريب في كون بلا فضاءها
ومن ليس له وطن .. كرضيع بلا مهدٍ يحميه من حرارة الصيف وبرد الشتاء
ومن ليس له وطن..كأوراقٌ مبعثرةٌ جف حبرها..وتطايرت وتوارت خلف الغبار